كيف تجذب جمهورك الحقيقي؟
في مؤتمر حضرته مؤخرًا، وخلال استراحة الغداء، وجدت أحد المشاهير على منصات التواصل الاجتماعي، طلبت منه مشاركتي الجلوس على الطاولة للتعرف إليه والاستماع إلى رأيه حول موضوع المحاضرة التي خرجنا منها للتو.
بعد أن طرحت عليه سؤالي، بدأ الحديث، ولكن ما فعله طوال الجلسة هو التحدث عن نفسه: عن الطعام الذي يفضله في بوفيه المؤتمر، موقف حدث معه في طريقه إلى الفندق، والبدلة التي اشتراها في الطريق، والغرفة التي اختارها له المنظمون، وتطل على البحر بدلاً من الشارع.
في البداية، استمتعت بالحديث، وشعرت أنه شخص قريب، لكن سرعان ما فقدت الاهتمام تمامًا عندما أدركت أنه يستمتع بالحديث عن نفسه، ويرى كل شيء يدور حوله، مع أن الحديث استمر قرابة نصف ساعة، لم أخرج منه بشيء يجيب عن سؤالي أو يشير إلى اهتمامه بما طرحته.
هذا السلوك جعلني أغير نظرتي إلى هذا الشخص تمامًا، وأيضًا لفت انتباهي الطريقة التي نتعامل بها على منصات التواصل الاجتماعي.
معظمنا يرى أن النجاح على منصات التواصل عبر عرض الإنجازات والتجارب الشخصية، مشاركة الأعمال التي نقوم بها، الشركات التي نتعامل معها، المنزل الذي نسكنه، والسيارة التي نقتنيها.
يعتقد الغالبية أن هذا سيجذب الجمهور، ويجعلهم يرغبون في التعامل معنا أو يتحدثون عنا بإيجابية، وأن ذلك يصنع لنا المزيد من الفرص.
بعد مراجعة الكثير من التجارب، وجدت أن هذا النهج خاطئ، في كل مرة يركز الشخص على عرض إنجازاته دون مراعاة احتياجات جمهوره، يخسر اهتمامهم.
السبب ببساطة، هو أنه لم يقدم لهم أي قيمة حقيقية.
عندما ترغب في الترويج لنفسك، يجب أن يبدأ محتواك من حيث اهتمام الجمهور، وليس من رغبتك في التفاخر واستعراض نمط حياتك أو نجاحاتك الشخصية.
جرب أن تشارك قصة حول تحدٍ واجهته، وكيف تغلبت عليه، وتشرح الخطوات التي اتبعتها، حينها تصبح القصة عنهم، وليس عنك، لأنهم يجدون فيها قيمة يمكنهم الاستفادة منها.
ألاحظ دائمًا تفاعلًا إيجابيًا عندما أقدم محتوى بهذه الطريقة، لأن القصة تلامس احتياجات الجمهور، حتى وإن كنت أروج فيها لنشاط أو عمل قمت به، أو عرض تجربتي الشخصية.
لذلك، أؤمن دائماً أن أفضل محتوى هو الذي يركز على تقديم القيمة والمعرفة للآخرين، وأن أفضل ترويج لك، أن يتحدث الجمهور حول ما تشاركه من أفكار ومعلومات، وليس ما فعلت اليوم وأين تناولت طعام الغداء بالأمس.
التعليقات
لا يوجد أي تعليقات لعرضها.
تسجيل الدخولمقالات أخرى
البدء من ورقة وقلم
عندما تكون مبدعًا في مجالك، تتدفق الأفكار بسرعة كبيرة وكمٍّ هائل، مما يجعل عقولنا في حالة تشتت وعدم انتباه، وهذا يترك مساحة ضئيلة لالتقاط الأفكار الجديدة.في عالم صناعة المحتوى والمعرفة، يصبح هذا التحد
21/10/2024الأعمال العظيمة ثمرة جهود صغيرة متراكمة
في العاشر من ديسمبر 1987 ولدت حركة حماس، وبعد ثمانية أيام ولدت أنا.ومنذ ذلك الحين، ظلت القضية الفلسطينية حاضرة في حياتي وذاكرتي، منذ بدأ الأطفال والشباب الفلسطينيون في مقاومة الاحتلال بالحجارة والمقال
07/10/2024بين الالتزام والشفافية
حينما بدأت رحلة الحضور الرقمي، بعد سنوات طويلة من الصمت أو الظهور الخافت المتقطع والاختباء خلف المشاريع الإعلامية التي أديرها، لم يكن أقرب الناس يتوقع أن أستمر في هذه الرحلة لأكثر من ثلاثة أشهر.كان ال
03/10/2024