بين الالتزام والشفافية

حينما بدأت رحلة الحضور الرقمي، بعد سنوات طويلة من الصمت أو الظهور الخافت المتقطع والاختباء خلف المشاريع الإعلامية التي أديرها، لم يكن أقرب الناس يتوقع أن أستمر في هذه الرحلة لأكثر من ثلاثة أشهر.

كان الجميع يرون أن ما أفعله غير متسق مع شخصيتي في ذلك الوقت، سواء في الظهور أو التواصل أو الكتابة والتحدث، وغيرها من الأمور التي يراني البعض الآن بارعًا فيها، بالفعل لم أكن هذا الشخص قبل ثلاث سنوات.

اليوم، أستطيع القول إنني خيبت توقعاتهم حتى هذه اللحظة، ما دمت مستمرًا في كتابة هذه الرسائل إليكم.

وهذا هو السر... الرسائل.

نعم، هي مفتاح هذه الاستمرارية حتى الآن.

لا أقصد الرسائل في ذاتها، بل هذا الالتزام الذي فرضته على نفسي أمامكم، أن أرسل كل اثنين وخميس رسالة تحمل معلومة، فكرة، أو تجربة عبر النشرة البريدية.

كما ألزمت نفسي أيضًا بتقديم ورشة مجانية كل أسبوعين من خلال مجتمع سرد، حيث نستضيف خبيرًا في الإعلام الرقمي وصناعة المحتوى.

ثم إنني قررت تقديم برنامج "الحضور الرقمي" كل شهرين، والليلة نحن على موعد مع الورشة الأخيرة من الدفعة الرابعة، في حين تنطلق الدفعة الخامسة في منتصف نوفمبر المقبل.

هذا الالتزام المنتظم والمرتبط بأهدافي من الحضور الرقمي، هو ما مكنني من الوقوف بثبات حتى هذه اللحظة.

لكن لأكون صادقًا، أشعر بالإرهاق، خاصة عندما أمر بظروف سيئة.

على مدار السنوات الثلاث الماضية، عشت أوقاتًا متقلبة لم تكن الأفضل، وحاليًا أواجه تحديات في حياتي الشخصية لا أرغب في الخوض فيها، لكن هذه هي حقيقتي.

ورغم ذلك، أظهر هنا بانتظام، وأتصرف كما لو أن كل شيء على ما يرام، لكن الحقيقة هي أن هذا ليس صحيحًا.

لقد بدأت هذا كله وحدي، وحتى اليوم أقوم بالإعداد والكتابة والتصميم والنشر والبرمجة والتواصل، منفردًا تمامًا.

كان هذا تحديًا قررت أن أضع نفسي فيه، وأستمر عليه لفترة ليست بالقصيرة.

هذا الالتزام يتطلب نمط حياة يتسم بالتنظيم والجدية، لكي أضمن الوفاء بما وعدت به أمامكم.

خلال اليومين الماضيين، أجلت كتابة هذه الرسالة حتى فات موعد إرسالها منذ ساعتين ونصف تقريبًا، والسبب أنني مصاب بإنفلونزا شديدة، ولست في أفضل حالاتي سواء من ناحية التركيز أو المزاج الذي يسمح لي بالكتابة.

لكن على مدار هذه الرحلة، تعلمت أن أقاوم، لأن هناك من ينتظر، وهناك من يقرأ، وهناك من يطبق بعض ما أشاركه من أفكار.

حينما وصلت إلى هذه الفقرة من الرسالة، وأعدت قراءتها، شعرت بأن من يقرأها سوف يشعر أنني أبحث عن تعاطف، أو يراها محاولة لإظهار نفسي كشخص ملتزم وناجح فيما أقدمه.

الأمر ليس كذلك أبداً... ببساطة، هذه رسالة جاءت فكرتها، وكتبت خلال نصف ساعة، بشفافية وعفوية كاملة.

ربما تكون هذه الرسالة، هي الباب للاستمرار في الكتابة والظهور بشفافية كاملة، يومًا بعد يوم.

إذا كنت صديقي أو تهتم بي بأي شكل، أود أن تعرف أنني في رحلة نحو العفوية وعدم التكلف، وأعطيك الحق دائمًا في مراجعتي عندما ترى أنني لا أتصرف على طبيعتي أو بما لا يليق بي.

التعليقات

لا يوجد أي تعليقات لعرضها.

تسجيل الدخول