الإنتاج المعرفي أم صناعة المحتوى؟
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، هناك تركيز كبير على صناعة المحتوى، مع أن الإنتاج المعرفي يتفوق بكثير من حيث أهميته وقيمته والعائد منه.
الإنتاج المعرفي هو تقديم العلم والمعرفة من خلال البرامج التدريبية التي تسهم في تطوير المهارات، أو كتب تناقش الأفكار بصورة معمقة تُثري العقول، أو أدلة توفر معلومات وإرشادات عملية، أو ورش تعزز التفاعل والتعلم والتطبيق، أو محاضرات وحلقات تشرح فكرة وتناقش موضوعاً من كافة الجوانب.
ما يميز الإنتاج المعرفي أنه ليس إسهام لحظي يضيع بين ملايين المنشورات يوميا؛ بل هو إرث يمتد للأجيال القادمة، ولا أقصد هنا الأجيال البعيدة فقط، بل الجيل القريب الذي يسعى لاكتساب مهارات ومعرفة سبقته أنت إليها بسنوات قليلة.
إذا نظرت إلى مصادر التعلم التي أسهمت في وصولك لما أنت عليه اليوم، تجد أنها إرث معرفي لمن سبقوك في مجال عملك واهتمامك.
بصراحة، يتطلب الإنتاج المعرفي وقتًا وجهدًا أكبر، وقد لا يحقق لك الانتشار السريع والكبير الذي يصل إليه صانع المحتوى، لكن القيمة التي تحققها من الإنتاج المعرفي، سواء على صعيد الأثر والسمعة، أو العائد المادي والمعنوي، وأيضاً نوعية الجمهور الذي يحيط بك، كل ذلك يتفوق بكثير عن تلك التي قد تحققها من مجرد صناعة المحتوى.
أذكر منذ عامين حينما فكرت في تصميم برنامج تدريبي لتطوير وبناء السمعة الرقمية، وبعد البحث والقراءة ومراجعة الكثير من الأفكار والمواد، وجدت أن ما يجب الارتكاز عليه كمتخصصين وخبراء هو الإنتاج المعرفي، وليس صناعة المحتوى فقط، وهو بالفعل ما أعمل على تحقيقه بمنهجية علمية وعملية من خلال برنامج الحضور الرقمي.
الأهم من كل ما سبق والدافع الأكبر للانطلاق نحو الإنتاج المعرفي، هو النظر إليه كواجب ديني ومهني واجتماعي، وهو السبيل الذي يُمكننا من ترك -علم ينتفع به- لا ينقطع به عملنا الصالح كما أخبرنا رسول الله ﷺ.
التعليقات
لا يوجد أي تعليقات لعرضها.
تسجيل الدخولمقالات أخرى
البدء من ورقة وقلم
عندما تكون مبدعًا في مجالك، تتدفق الأفكار بسرعة كبيرة وكمٍّ هائل، مما يجعل عقولنا في حالة تشتت وعدم انتباه، وهذا يترك مساحة ضئيلة لالتقاط الأفكار الجديدة.في عالم صناعة المحتوى والمعرفة، يصبح هذا التحد
21/10/2024الأعمال العظيمة ثمرة جهود صغيرة متراكمة
في العاشر من ديسمبر 1987 ولدت حركة حماس، وبعد ثمانية أيام ولدت أنا.ومنذ ذلك الحين، ظلت القضية الفلسطينية حاضرة في حياتي وذاكرتي، منذ بدأ الأطفال والشباب الفلسطينيون في مقاومة الاحتلال بالحجارة والمقال
07/10/2024بين الالتزام والشفافية
حينما بدأت رحلة الحضور الرقمي، بعد سنوات طويلة من الصمت أو الظهور الخافت المتقطع والاختباء خلف المشاريع الإعلامية التي أديرها، لم يكن أقرب الناس يتوقع أن أستمر في هذه الرحلة لأكثر من ثلاثة أشهر.كان ال
03/10/2024